بيداغوجيا الخطأ مبادئها وتصورات للخطأ

0

تعريف الخطأ التربوي:

يعتبر الخطأ التربوي أحد أهم المفاهيم التي أضحت تتمتع بمكانة خاصة داخل المنظومة التعليمية خصوصا والفكرية عموما، وذلك بفضل اعتماد المجتمع الدولي لاتفاقية حقوق الطفل التي شكلت منعطفا انتقاليا هاما في تاريخ الأطفال بالانتقال من مستوى الاختيارات الفلسفية النظرية إلى مستوى الإكراهات القانونية الإلزامية ومن تم انبثقت فكرة حق الطفل في الخطأ إلى جانب حقوق أخرى…

من هذا المنطلق الحقوقي الفسيح نتساءل حول مفهوم الخطأ ودلالته التربوية بين التصور البيداغوجي التقليدي والحديث،

كما نتساءل أيضا عن أهم مصادره وأنواعه، و إلى أي حد يمكن للخطأ أن يكون فاعلا في التعلم؟ أي هل للخطأ وظيفة بيداغوجية إيجابية في مسار المتعلم الدراسي أم أنه يظل عاملا من عوامل الإفشال والإرباك الصفي؟وكيف يمكن للأستاذ الممارس أن يتعامل مع أخطاء تلاميذه وتصحيحها بيداغوجيا وجعلها أداة ايجابية داخل الممارسة الصفية؟ كلها إشكالات سنحاول أن نتطرق للإجابة عنها خلال العرض .

تعريف الخطأ:

تعريف الخطأ
تعريف الخطأ

 

تعريف بيداغوجيا الخطأ:

هو تصور ممنهج لعملية التعليم والتعلم يقوم على اعتبار الخطأ استراتيجية للتعليم والتعلم.

    • استراتيجية للتعلم لأن الوضعيات الديدكتيكية تعد وتنظم في ضوء المسار الذي يقطعه المتعلم لاكتساب المعرفة أو بنائها من خلال بحثه، وما يمكن أن يتخلل هذا البحث من أخطاء.
    • استراتيجية للتعليم لأن الخطأ يعتبر أمرا طبيعيا وإيجابيا يترجم سعي المتعلم للوصول إلى المعرفة.

اقرأ أيضا:

مبادئ بيداغوجيا الخطأ:

    • الخطأ البيداغوجي لا يعني عدم المعرفة و لكن يعبر عن معرفة مضطربة يجب الانطلاق منها لبناء معرفة صحيحة؛
    • لا يمكن تفادي الخطأ في سيرورة التعلم؛
    • الخطأ الذي يرتكب في وضعية تعلم لا يتكرر في وضعيات حقيقية؛
    • الخطأ خاصية إنسانية؛ • الخطأ شرط للتعلم؛
    • من حق المتعلم أن يخطئ. . .
    • الخطأ ذو قيمة تشخيصية؛
    • المتعلم هو الذي يكتشف أخطاءه بنفسه و يصححها ذاتيا مما ينمي لديه قيم الثقة بالنفس و اتخاذ القرار…

تصورات للخطأ: (النموذج التبليغي)

    • إن دور التلميذ في هذه المقاربة هو الانتباه وحسن الإنصات وتدوين النقط والملخصات.
    • أما دور الأستاذ باعتباره مالك المعرفة ومصدرها الوحيد فهو التبليغ واقتراح تمارين ومسائل عند نهاية الدرس للتمرن والاستثمار.

البيداغوجيا التقليدية والخطأ:

البيداغوجيا التقليدية والخطأ
البيداغوجيا التقليدية والخطأ

النموذج السلوكي ( المدرجات الصغرى):

    • في هذا التصور ينبغي تجنب الخطأ
    • عندما يخطئ المتعلم فإن ذلك لايرجع إلى معلوماته وإنما يكون التدرج المعتمد لايلائمه.
    • السلم الذي يعرج عليه المتعلم عال عليه. المكتسبات عند نهاية المقطع المكتسبات عند بداية المقطع

النموذج التكويني أو الرأس المملوءة:

    • الفرضية الأولى : اكتساب المعرفة يمر عبر التفاعل بين المتعلم وموضوع المعرفة من خلال حل الوضعيات.
    • الفرضية الثانية :إن رأس المتعلم ليست فارغة من المعارف فهو يملك دائما أفكارا وتمثلات عن أي مفهوم نود أن نعلمه إياه.
    • الفرضية الثالثة :التعلم لا يتم بشكل تراكمي أو خطي، فطالما أن المتعلم لم يدرك أن المعارف التي يملكها ناقصة أو لا تكفي لحل الوضعيات التي تواجهه فإنه يستمر في استعمالها.
    • الفرضية الرابعة :يعطي المتعلم معنى لمعرفة معينة عند ما تصبح هذه الأخيرة أداة ضرورية وناجعة لحل وضعية.
    • الفرضية الخامسة :التفاعلات الاجتماعية بين المتعلمين تساعدهم على التعلم ، كما أن العمل الجماعي يدعم هذه التفاعلات.

توازن جديد:

توازن جديد
توازن جديد
    • عندما يتعلم التلميذ فمن الطبيعي أن يخطئ، وإذا لم يخطئ فإنه لن يتعلم شيئا لأنه بكل بساطة يعرف ما يريد تعلمه.
    • عندما يخطئ متعلم فإن ذلك يساعد الأستاذ على تعرف الصعوبات التي تواجه هذا المتعلم،ينبغي للأستاذ أن يشعر متعلميه بأنه يهتم بأخطائهم.

مصادر الخطأ:

ابستمولوجي:

  • إن تطور المعرفة جاء نتيجة حدوث قطائع إبستيمولوجيةبين المعارف القبلية والمعرفة العلمية. لذلك لا بد من الانطلاق من كون التلميذ يأتي إلى القسم ومعه حمولة مصدرها المعرفة العامة فيسعى التعلم إلى مساعدة المتعلمين على تجاوز العوائق•

تعاقدي:

  • قد تنتج الأخطاء عن غياب الالتزام بمقتضيات العقد الديدكتيكي بين المدرس والمتعلم إزاء المعرفة؛
  • غياب أو لبس في التعليمة المحددة لما هو مطلوب من المتعلم.

نمائي:

  • قد يخطئ المتعلم لأننا ندعوه إلى إنجاز عمل يتجاوز قدراته العقلية والوجدانية المميزة للمرحلة النمائية التي يعيشها.

استراتيجي:

  • يقصد به الكيفية التي يتبعها أو يسلكها المتعلم في تعلماته وإنجازاته.

ديدكتيكي:

  • مرتبط بطبيعة المحتويات ونوع طرائق التدريس والوسائل الديدكتيكية ومدى انسجامها مع حاجياتهم ومع متطلبات الوسط التربوي واللغة المستعملة وكذا تكوين الأساتذة.

استراتيجيات معالجة الخطأ:

رصد الخطأ وتشخيصه

  • يقوم تشخيص الأخطاء على: تعريفها و تحديدها  بدقة بمعرفة مكانها،

إشعار المتعلم بحدوث خطأ:

هنا لا ينبغي إغفال الخطأ والتنكر له واتخاذ موقف سلبي اتجاهه،بل ليصبح الخطأ فرصة لبناء التعلم  لابد من :

  • الاعتراف بحق التلميذ في ارتكاب الخطأ و ذلك بالرفق بالتلميذ المخطئ والالتزام بحقه في الوقوع في الخطأ دون زجر أو سخرية أو إشعار بالدونية.
  • الانطلاق منه سعيا إلى هدمه وتعويضه بالمعرفة العلمية الجديدة.

تصنيفه و تعرف مصادر ه:

  • أن يقوم التلميذ المخطئ وحده أو بمشاركة زملائه أو بمساعدة أستاذه بتصنيف الأخطاء التي وقع فيها إلى تركيبية و صرفية ودلالية، ثم تعرف مصادرها :هل هي ناتجة عن تداعيات ابستيمولوجية، أم تعاقدية،أم تعود إلى التلميذ ذاته؟

تفسير أسباب الخطأ:

  • الحرص على وضع فرضيات تفسيرية للأخطاء؛
  • فهم العوامل التي أدت إلى ارتكاب الأخطاء؛
  • التفكير في أسبابها مع التلاميذ و طبيعتها.

معالجة الخطأ:

من أهم أساليب علاج وتصحيح الأخطاء:

  • المعالجة بالتغذية الراجعة؛
  • المعالجة بأعمال تكميلية وبتنمية مهارة الفهم و الحفظ؛
  • تنويع أساليب و عمليات التعليم و التقويم؛
  • مساعدة المتعلمين على تنويع مسارات تعلمهم؛
  • اعتبار مرحلة عرض التعليمات فترة هامة في التعليم و التعلم؛
  • تدريب المتعلم على التأمل و التركيز و الابتعاد عن التسرع.

التتبع والتقويم:

تمكن هذه الخطوة من ملاحظة وتتبع سيرورة التعلم واكتشاف التعثرات والأخطاء، ومن تم يمكن المرور إلى الخطوة الموالية في شكل حلقات متتالية موازاة مع تطور مراحل العملية التعليمية التعلمية.

وتبين الخطاطة الآتية هذا التسلسل والترابط بين حلقات التعامل مع الأخطاء؛

استراتيجيات تجاوز الخطأ
استراتيجيات تجاوز الخطأ

خاتمة:

تغدو المدرسة في ظل بيداغوجيا الخطأ فضاء لارتكاب الأخطاء دون عواقب، و التلميذ المحظوظ هو الذي يرتكب أكبر قدر من الأخطاء داخل الفصل الدراسي لأنه يستطيع تحليلها و تصحيحها لبناء أكبر قدر من المعارف،وعدم تكرارها خارج الفصل.

كما تساهم هذه البيداغوجيا في تشجيع المتعلم على طرح الأسئلة الجريئة و التي يراها ملائمة لصياغة الفرضيات الجسورة و التساؤلات المقلقة حتى تلك التي تظهر غبية بدل بقائه صامتا ممتثلا و راضيا عما يقدم له دون فهمه، و ذلك خوفا من أن يحتسب تردده وخطأه ضده.

و يصبح المدرس في هذه البيداغوجيا مرافقا للمتعلم موجودا في الفصل لمساعدته على تصحيح أخطائه و تمثلاته لا لمراقبته و تصيد أخطائه . يبقى السؤال الأكبر إلى أي رحبت مدارسنا بهذه البيداغوجيا و تبنتها في ممارساتها التعليمية التعلمية؟

تنشيط: ذ. رشيد شاكري

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.